نبذة من الكتاب :
يحبُّ الرِّجال - أو هكذا خبَّرتهم دقات قلوبهم في تلك اللحظة على نحو غامض - آباء وأزواج وعشاق أن يتصرَّفوا بطريقة رجولية : يصلصلون بسيوفهم كالفرسان ويتفاخرون بألقابهم ومكاناتهم وثرواتهم، ويطاردون أي تنورة تقع عليها أعينهم…
يحب الرجال أن يتصرَّفوا بتعالٍ وتفاخرٍ، فيتبجحون أحيانًا بغرور، بسخافة الديوك الرومية، بالرغم من أن أغلبهم من وراء هذا القناع صِبية مغمومون : هذا بسيط، هذا طمَّاع، هذا مُمل وذاك متبلِّد الشعور…
هناك رجال أبناء أمهاتهم ورجال بأيدٍ ناعمةٍ، ورجال متبجحون صاخبون يتوددون للنساء بفظاظةٍ، وبذيئون وساذجون ومتهافتون…
إن الرجل الأصيل يُعد ظاهرة خارقة تمامًا مثل المرأة الأصيلة. رجل لا يحاول إثبات شيء برفع صوته أو صلصلة سيفه، رجل لا يصيح، لا يطلب شيئًا ما لم يمنحه هو نفسه، لا يسعى لترف صداقة النساء أو أمومتهن، لا يرغب في الاختباء في عناق أو خلف تنورة امرأة، رجل لا يعنيه سوى البيع والشراء، بلا عجلة وبلا طمع، لأن كل ذرة في كيانه، كل عصب من أعصابه، كل خلجة من خلجات روحه، وكل عضلة من عضلات جسده، مكرسة لقوة الحياة. هذا النَّوع من الرجال من أندر المخلوقات حقًا.